لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
شفاء العليل شرح منار السبيل
199730 مشاهدة
مجاوزة محل الفرض

قوله: [ومجاوزة محل الفرض] لأن أبا هريرة توضأ فغسل يده حتى أشرع في العضد، ورجله حتى أشرع في الساق، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتوضأ وقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء، فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله .


الشرح: عرفنا- فيما مضى- حد الفرض في كل عضو من أعضاء الوضوء وقد استحب العلماء مجاوزته لحديث أبي هريرة السابق، وهذه المجاوزة لا يمكن أن تحصل إلا في عضوين من أعضاء الوضوء وهما اليدان والرجلان، فيغسل المتوضئ يديه إلى أن يجاوز المرفقين ويشرع في العضد، ويغسل رجليه فيجاوز الكعبين إلى شيء من الساق، ودليل ذلك الحديث السابق، وحديث تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء .
وذهب بعض العلماء- كشيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم - إلى عدم استحباب ذلك لكي لا يتعدى بوضوئه ما حد الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- قال شيخ الإسلام: (ولا يستحب إطالة الغرة، وهو مذهب مالك ورواية عن أحمد ) وقال ابن القيم (أما حديث أبي هريرة في صفة وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه غسل يديه حتى أشرع في العضدين، ورجليه حتى أشرع في الساقين، فهو إنما يدل على إدخال المرفقين والكعبين في الوضوء، ولا يدل على مسألة الإطالة) واختار هذا القول الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله- .
ومما يشهد لهذا القول أنه -صلى الله عليه وسلم- قد قال إن الله حد حدودا فلا تعتدوها والله سبحانه قد حد المرفقين والكعبين حدا في الوضوء فلا ينبغي تعديهما، ولأن هذا من الغلو، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- إياكم والغلو في الدين .
وأما حديث أبي هريرة فإن قوله: فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل فقد قال نعيم بن المجمر لا أدري قوله فمن استطاع... من قوله رسوله الله -صلى الله عليه وسلم- أو من قول أبي هريرة -رضي الله عنه-.
وأما حديث الحلية فالحلية المزينة هي ما كان محله، فإذا جاوز محله لم يكن زينة، فالصواب الاقتصار على ما حد الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.